يتوالى استصدار أعداد مجلة اللغة الوظيفية ، وهذه المجلة الواعدة بصرحها الرصين المكين إنما تتوالى مواليد أعدادها التي ينتظرها طلاب الدكتوراه في الجامعة الجزائرية يقبلون على قطوفها الدانية يحلُّون بها بحوثهم ومقالاتهم ، يلاقون في رحابها إبداعات أساتذتهم خارج عادة الدرس الجامعيّ ، ولطالما حنّ الطالب الجامعي الجزائريّ إلى الوقوف على شخصية أستاذه العلمية خاصة منها البحوث اللغوية التطبيقية تماشيا مع نهج فلسفة الوظيفية التي تنتهجها هذه المجلة .
وإذ نعلن من خلال هذا التصدير عن زيادة في أعداد هذه المجلة المباركة إنما نسعى مثلما صادق على ذلك مجلس مخبر نظرية اللغة الوظيفية إلى كسب قصب السبق والريادة من خلال تطبيق آليات البحث اللغوي والأدبيّ الأكاديمي المنضبط معرفيا ومنهجيا بالتحكيمات المتعدّدة التي يمكن اعتبارها في حدّ ذاتها شهادة علمية تشرف الباحث ، وحسبها أنها تؤهل أصحابها إلى حيازة براءة الإبداع.
لقد سئم الباحثون العرب وطلاب المعرفة الجامعية الأكاديمية مما صار رائجا في مختلف مجالات البحث في العلوم الإنسانية وبالضبط في اللغة والأدب العربيين بعد أن وهنت الأقلام ، ودبّ الضعف بكل أشكاله في أساليب الباحثين ، وافتقد في الطروحات إلى روح الاستشراف والاستجداد فلا فرضيات ولا إشكاليات ولا مبادرات وإنما هي كلام من أجل الكلام أوكتابة من أجل الكتابة إلى درجة أن شكل هذا المأزق ظاهرة ثقافية تحتاج هي في حدّ ذاتها إلى بحوث وكتابات ، سمُجت المتون واعتراها الانحلال المعرفي فلا فائدة علمية ترتجى ولا إبداع ينتظر.
ونظرا لاستشراء حسّ التأزّم وتغلغله بين الباحث والقارئ على السواء ، وانحلال الشروط البحثية وتدهورها إلى درجة من الضعف صار بحث الكثير من الأساتيذ يعجّ بالغلط والمغالطات، وارتدّت الأخطاء الغوية والأسلوبية الفادحة إلى أمر معتاذ لا تستنكره النفوس ، وقد حملت مجلة اللغة الوظيفية على عاتقها وسط هذا التدهور المستشري خوض غمار التصدي لمهازل التردّي المعرفي الطاغي ، واشترطت معايير معرفية ومنهجية قل مثيلها حسب تقديرنا بين المجلات العلمية الأخرى فالبحث المتقدَّم به إلى إدارة مجلة اللغة الوظيفية لا يجد سبيلا إلى النشر إلاّ بعد سلسلة امتحانات واختبارات ليس أقلها التحكيم المتعدد في الموضوع الواحد وقد عكّر هذا السلوك الإصلاحي التربوي استنكارا لدى بعض الأساتذة لما رأوا بحوثهم ترفض أو يطلب منهم تعديلها بناء على ملاحظة الخبراء والاستشاريين ، وقد أصررنا على هذا الممرّ السراط وثبتنا على مبدئه القاهر، فلا يعرض عمل بحثيّ على النشر في المجلة إلاّ بعد أن يعرض على منصات الإلقاء في المحاضرات أو الندوات أو الورشات لتتحقق له في نهاية المطاف أهلية النشر.
إطلع على مقالات العدد